هناك راقصات يستعرضن الجسد، وأخريات يستعرضن الروح، أما روزيتا فهي من القلائل اللواتي يجمعن بين الاثنين في لوحة واحدة لا تُنسى. حضورها على الخشبة ليس مجرد أداء راقص، بل هو تجسيد لفلسفة الفرح المنضبط، حيث يتحول الإيقاع إلى لغة فنية تعبر عن الأنوثة بعينٍ واعية وذكاءٍ درامي.

منذ لحظة دخولها المسرح، تشعر أن الضوء نفسه يتبدل، وكأنها تُعيد ترتيب الألوان لتجعلها تدور في فلكها. روزيتا لا تكتفي بخطوات محفوظة أو حركات تقليدية، بل تبتكر مساحة خاصة بها، توازن فيها بين الاستعراض والدراما، بين الفتنة والإحساس، وبين التقنية والصدق.

ما يميزها عن كثير من الراقصات المعاصرات هو قدرتها على السرد بالحركة؛ ففي رقصها حكاية تُروى بلا كلمات. تعرف كيف تستخدم الموسيقى لتصنع حوارًا صامتًا بين الجسد والإيقاع، وبين الجمهور والحلم. وفي هذا الحوار، لا تترك المشاهد متفرجًا، بل شريكًا في الحالة الفنية التي تبنيها بثقة ووعي.

ورغم جرأتها على المستوى الأدائي، إلا أن روزيتا لا تقع في فخ الابتذال. فهي تفهم جيدًا أن الرقص الاستعراضي ليس مجرد إغراء بصري، بل فن تواصل إنساني، يعتمد على الصدق قبل الإبهار. إنها تقدم أنوثتها كقوة تعبيرية، لا كأداة تجارية، وهذا ما يجعلها جديرة بالاحترام الفني قبل الإعجاب الجماهيري.

ربما يكون أجمل ما في روزيتا أنها تحافظ على وهجها دون أن تستهلك نفسها؛ تعرف متى تترك الحركة تتنفس، ومتى تصمت لتجعل الموسيقى تتكلم عنها. في زمن ازدحمت فيه الساحة بأسماء كثيرة تبحث عن الشهرة، تظل روزيتا مثالًا للفنانة التي تبحث عن الخلود الفني لا عن الوميض العابر.

إنها ببساطة راقصة تمتلك عقل فنانة وروح شاعرة، ومسرحها هو المكان الذي تذوب فيه الفكرة في الجمال، والجمال في الإحساس.

