محمد حنفي
في مشهد فني عربي يئنّ أحيانًا من الجمود، تبرز أسماء شابة تحاول اقتحام الساحة برغبة في التغيير والتميز. من بين هذه الأسماء تلمع آسيا الهواري، الراقصة التي تُعرَف بالتزامها بالاستعراض والفن الشرقي، وتُروَّج لنفسها في وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي بأسلوبٍ جريء وجاذب. لكن، مثل أي حالة فنية تُثير الجدل، لا بد من الوقوف على جوانبها الإيجابية والنقدية معًا.
الإيجابيات والإنجازات
1. المثابرة والطموح
من خلال التغطيات الصحفية، نرى أن آسيا الهواري تعمل حاليًا على تقديم عروض استعراضية في أماكن عامة وقاعات حفلات ومناسبات، وتسعى لدخول مجال التمثيل جنبًا إلى جنب مع الرقص الشرقي.
هذا الطموح، رغم صعوباته، يدل على أنها ليست “راقصة موسمية”، بل فنانة تراهن على تنمية قدراتها وتوسيع مجال عملها.
2. الظهور والتألق الإعلامي
لقد خطفت الأنظار في حفلات كبيرة مثل حفلة رأس السنة بفندق سوفتيل الجزيرة، حيث قدمت عروضًا تألَّقت فيها.
كذلك، هي نشطة على الإنترنت، وتحرص على نشر لقطات استعراضية تجذب المتابعين وتُظهر قدرتها على الأداء.
هذا الظهور الإعلامي مهم في عصر يُعد فيه البروز الرقمي أحد مفاتيح النجومية.
3. محاولة رسم الرقص الشرقي كفن محترم
في إحدى مقالات التغطية الصحفية، تؤكّد آسيا أنها تسعى لتقديم الرقص الشرقي “بشكل فني احترافي” وأن لديها الكثير لتقدّمه.
إذا نجحت في ذلك، فإنها تساهم في تغيير النظرة المجتمعية إلى الرقص الشرقي، من فعلٍ ترفيهي قد يُحتقر لدى البعض إلى تعبير فني وجمالي.
النقاط النقدية والتساؤلات
1. الهوية الفنية والتميز الحقيقي
طموح الدخول في التمثيل ومحاولة دمجه مع عروض الرقص قد تجعل الفنانة موزعة بين مجالات كثيرة دون أن تبرع في أحدها فعليًا.
هل ستتمكن آسيا من أن تطرح نفسها كممثلة بجودة مستقلة، أم ستظل “راقصة توفر بعض المشاهد التمثيلية”؟ السؤال مفتوح، والقدر وحده كفيل بالإجابة.
2. الانقسامات الاجتماعية حول الرقص الشرقي
في مجتمعاتٍ عربية تقليدية، يُنظر أحيانًا إلى الراقصة بشيء من الريبة أو النظرة السلبية، ويميل البعض إلى رفضها لأسباب دينية أو أخلاقية أو اجتماعية.
لذا، على آسيا أو أي فنانة مثلها أن تواجه هذه الصراعات الذهنية في الجمهور: كيف تُواصل التمثيل والترفّع الفني في ظل أنظار ناقدة؟ كيف تُقنِع بأن ما تقدّمه ليس مجرد استعراض بل فن وجمالية؟
3. الاستمرارية والتطور الفني
اللامبالاة في التجديد قد تُدمّر أي مسار فني. إذا استمرّت آسيا على نمط عروض مُشتَقة من أنماط سائدة دون تجديد جذري أو ابتكار، فإنها قد تندثر كما اندثرت عقب موجات استعراضيّة كثيرة في الماضي.
يُنتظر منها أن تتعاون مع مخرجين ومصممي رقص جدد، أن تستلهم من تراث الرقص وموسيقى الشرق القديم، أن تبتكر أساليب توفي بين الأصالة والتجديد.
الخلاصة – في رأيي
آسيا الهواري تمثل حالة فنية لافتة، ليست مجرد “راقصة أخرى” بل فنانة تسعى أن تُحافظ على حضورها وتُوسّع آفاقها. إن طموحها في التمثيل ورغبتها في تقديم الرقص الشرقي بأسلوب محترف هما نقاط قوة إذا ما دعّمتا بالعمل الدؤوب والتطوير الحقيقي.
لكن الفرصة لا تدوم لمن يكتفي بالظهور أو التكرار. عليها أن تستثمر شهرتها في بناء جمهور متذوق، أن تُقدّم عروضًا متجددة، وألا تنسَ أن النجاح المستدام لا يُبنى على الإثارة فحسب، بل على الاحترافية والتفرُّد.