محمد حنفي
حين نتحدث عن الراقصة الاستعراضية بديعة، فنحن أمام حالة فنية متكاملة تعكس صورة لافتة للفن الاستعراضي بما يحمله من جاذبية، إبداع، وجرأة. بديعة ليست مجرد راقصة تؤدي حركات جسدية على إيقاع موسيقى، بل هي فنانة تعرف كيف تخلق حالة مسرحية متكاملة، تمزج فيها بين الرقص، التمثيل، والتعبير الجسدي الذي يحكي قصة ويشدّ الجمهور إلى عوالمها الخاصة.
بديعة تملك حضورًا طاغيًا على الخشبة، فهي تعرف كيف توظف طاقتها وحضورها المسرحي لتصنع من العرض لحظة استثنائية. إطلالاتها تتسم بالجرأة المدروسة والأناقة المتجددة، ما يجعلها مختلفة عن كثيرات في هذا المجال. لديها قدرة فريدة على اللعب بالتفاصيل الصغيرة: حركة اليد، نظرة العين، ابتسامة خفيفة، كلها تتحول عندها إلى لغة فنية مؤثرة.
أهم ما يميز بديعة أيضًا هو قدرتها على تطوير نفسها. فهي ليست أسيرة قالب واحد، بل تحاول أن تدخل على عروضها لمسات معاصرة، مستفيدة من المدارس الحديثة في الرقص الاستعراضي، دون أن تفقد هويتها الشرقية. هذه المزاوجة بين الأصالة والتجديد هي سر جاذبيتها، وهي ما يجعلها حاضرة في أذهان جمهورها، لا كراقصة عابرة، بل كفنانة لها شخصية واضحة وصوت مختلف في الساحة الفنية.
في رأيي، بديعة تمثل إحدى علامات الفن الاستعراضي المعاصر، حيث تحاول أن تثبت أن هذا الفن ليس ترفًا بصريًا فحسب، بل هو وسيلة للتعبير، ولغة قادرة على لمس وجدان المتلقي مثلها مثل أي فن آخر. وإذا استمرت بهذا النهج، فهي قادرة على أن تترك بصمة حقيقية في تاريخ الرقص الاستعراضي.