التخطي إلى المحتوى
بين الحنين والأصالة والانفتاح والحداثة “نغم” راقصة لبنانيه بشخصية واضحة

محمد حنفي

الرقص الشرقي في لبنان كان وما زال مرآة تعكس جانبًا من المزاج الفني في هذا البلد الذي يجمع بين الحداثة والانفتاح من جهة، وبين الحنين إلى الأصالة من جهة أخرى. في هذا الإطار برزت الراقصة نغم كواحدة من الأسماء التي تحمل ملامح مختلفة عمّا اعتدنا عليه في الساحة.


نغم لا تكتفي بأن تؤدي الرقص كفن استعراضي للترفيه، بل تسعى إلى تقديمه في قالب أكثر رقيًا، يوازن بين الجاذبية والإحساس بالموسيقى. حضورها على المسرح يشي بأنها تدرك جيدًا كيف تتحكم في تفاصيل الإيقاع، وكيف تترك للمشاهد انطباعًا يتجاوز مجرد متابعة عرض، ليصبح تجربة جمالية متكاملة.


أكثر ما يميز نغم أنها تحمل شخصية فنية واضحة، فلا تبدو نسخة مكررة عن راقصات أخريات، بل تصنع لنفسها أسلوبًا فيه جرأة محسوبة ولمسة لبنانية خاصة. وهذا يمنحها فرصة لأن تكون صوتًا مختلفًا وسط زحام من الأسماء التي تكتفي بالتقليد أو بالإثارة الرخيصة.


لكن لا يخلو الأمر من التحديات؛ فالمشهد الفني في لبنان اليوم يمر بظروف معقدة، من تقلّص أماكن العروض إلى النظرة الاجتماعية المتباينة تجاه الراقصات. وهنا تكمن قوة نغم، فهي تحاول أن تُعيد للرقص احترامه كفن له قيمته، وليس مجرد عنصر تسلية عابر.


في رأيي، إذا استمرت نغم على هذا النهج، وواصلت تطوير أدواتها، فبإمكانها أن تكتب لنفسها مكانًا مميزًا ليس فقط في لبنان بل في المنطقة العربية ككل. لأنها تمثل صورة عن الراقصة الواعية بمسؤولية الفن، وبقدرة الجسد على أن يكون وسيلة تعبير راقية لا تقل قيمة عن الغناء أو التمثيل.


باختصار، نغم ليست مجرد راقصة لبنانية جديدة، بل مشروع فني له ملامح واضحة، يحتاج إلى دعم وتشجيع كي يثمر عن تجربة أوسع تُعيد للرقص الشرقي مكانته كجزء من هوية الفن العربي.