محمد حنفي
الراقصة جانين خوري تعدّ من أبرز الشخصيات التي برزت في الوسط الفني اللبناني والعربي في العقد الأخير، ليس فقط من حيث المهارة والحضور، بل أيضًا من حيث الجرأة في الشكل والأسلوب، مما جعلها محط أنظار الجمهور والنقاد على حد سواء. تتجلى شخصيتها الفنية في مساهمتها في تجسيد الرقص الشرقي/الفن الاستعراضي بلمسة تجميلية حديثة، تجمع بين الأداء الصافي والإطلالات الجريئة.
الإيجابيات
1. المهارة الاحترافية
جانين خريجة برنامج “استوديو الفن”، وقد مثلت لبنان في برامج استعراضية تُعرض في مصر، مما يدل على أنها ليست هاوية، بل خضعت لتدريب، ولديها خبرة على المسرح.

2. التجديد البصري والأداء
إطلالاتها غالبًا ما تكون ملفتة، سواء من حيث الأزياء أو التصوير أو اختيار مواقع التصوير. على سبيل المثال، جلسة تصويرها على الثلج، مع بدلة رقص ملفتة، تطلّ فيها بشكل جريء ومختلف عن المعتاد

3. التفاعل والمتابعة
تمتلك عددًا كبيرًا من المتابعين على وسائل التواصل، ما يشير إلى أن لديها جمهورًا مهتمًا بما تقدّمه، وهذا ليس أمرًا بسيطًا في بيئة فنية تنافسية. كما أن ردود الفعل غالبًا ما تجمع ما بين الإعجاب بالجرأة والجمال، مما يدل على أنها استطاعت أن تخلق لنفسها مكانًا مميزًا.

4. حرية وتعبير شخصي
من المهم أن ننظر إلى أعمالها باعتبارها شكلًا من أشكال التعبير الفني، الذي يعكس حريات الفرد—ضمن الحدود التي يقرها المجتمع. في عالم الفن، الجرأة قد تكون وسيلة لتحدي النمطية، أو استكشاف الذات، أو جذب الانتباه بما يخدم الشهرة، وليس بالضرورة انتهاكًا لذائقة الجمهور.

التحديات والجوانب المثيرة للجدل
1. التوازن بين الجرأة والذوق العام
جرأة إطلالاتها تُثير دائمًا نقاشًا في الوسطين الشعبي والمجتمعي، لا سيما في مجتمع محافظ إلى حد كبير كبعض الشرائح اللبنانية والعربية. فالمظهر المكشوف والملابس الجريئة قد تُعتبر استفزازًا من منظور تقليدي، مما يجلب ردود فعل متباينة — بين مؤيد يرى في ذلك قوة وثقة، وبين معارض يرى أنها تتعدى الحدود المقبولة.

2. التأثير الاجتماعي
يثار السؤال: إلى أي مدى يُسهم فن مثل الذي تقدّمه جانين خوري في تغيير المفاهيم المجتمعية؟ هل يتيح مساحة أكبر للتعبير والحريات الفنية؟ أم يُستخدم فقط كوسيلة لجذب الشهرة وزيادة المتابعة؟ هذا سؤال مشروع، لأنه كلما ازدادت الشهرة بوسائل الجدل والصدمة، كلما قلّت الفروقات بين المحتوى الفني الهادف والمجرد من العمق.

3. ردود الفعل النقدية والمحلية
غالبًا ما تواجه مثل هذه الشخصيات انتقادات من جهات ترى أن الفن يجب أن يحافظ على بعض التوازن مع القيم التقليدية أو الدينية أو الأخلاقية. أيضًا، قد تُستغل صورتها أو إطلالتها في الإعلام بطريقة تركز على الجسد والجاذبية أكثر من المهارة أو الأداء فعليًا، مما يحوّلها من فنانة راقصة إلى رمز للبروز الإعلامي بطابع مثير.

4. الخصوصية والهوية
في بعض الأحيان، الشخصيات العامة تُجبر على أن تلائم توقعات الجمهور وكذلك رقابة المجتمع. الجرأة قد تُقوَّض من قبل الضغوط الاجتماعية أو القانونية، خصوصًا إذا ما عبرت الجرأة حدودًا تُعتبر مخالفة في القوانين المحلية أو الأعراف. وهذا يضع الفنان بين مطرقة التميّز الإعلامي وسندان النقد الاجتماعي.

رأي شخصي
أرى أنّ جانين خوري تمثّل حالة معبرة عن التوتّر الجميل بين الفن والتقاليد. هي ليست أول راقصة أو فنانة تتجاوز الحدود المتعارف عليها، لكنها مثال جيد على كيف يمكن للرقص الاستعراضي أن يكون أكثر من مجرد حركات؛ يمكن أن يكون منصة للتعبير البصري، وللإثارة، وللخضوع لأسئلة المجتمع حول ما يُعتبر فنًّا قرينًا بالجسد والهوية.

أعتقد أن ما يهم هو السياق: هل تؤدي، هل تُبدع، هل تحترم جمهورها، هل تستخدم ظهورها لمصلحة الفن وليس فقط الإثارة؟ إذا كانت الإجابة نعم في معظم الأوقات، ففنها له قيمته، وإن لم تفعل—فإن الجدل سيظل معها دائمًا.

