التخطي إلى المحتوى
حول ما هو مسموح وممنوع تصنع “موكا” أسما بارزا لها فى الساحة الفنية

محمد حنفي

في عالم الفن والرقص، تبرز أسماء كثيرة تتنوع بين التقليدي والمعاصر، وبين الجريء والمتعارف عليه. ومن بين هذه الأسماء تبرز “موكا الشاذلي” (المعروفة اختصارًا بـ “موكا”) كراقصة استعراضية تسعى لصنع اسم وقاعدة جماهيرية في الساحة الفنية. لكن ظهور مثل هذه الشخصية في مجتمعنا يثير الكثير من الجدل، سواء من مؤيدين أو معارضين. في هذه المقالة أطرح رأيًا يتناول الأبعاد المختلفة لهذا الجدل، مع محاولة للتوازن بين حرية الفن والرقص من جهة، والحس الأخلاقي والاجتماعي من جهة أخرى.


الجوانب الإيجابية
1. التعبير الفني وحرية الإبداع
من يحظر الفن ويقيده يخنق الإبداع. الرقص – حتى لو استعراضيًا – يمكن أن يكون وسيلة للتعبير، للذات، وللتحرر من القوالب الجامدة التي تحاول المجتمع أن يفرضها. إن وجود فنانات مثل موكا يعيد النقاش حول ما هو “مسموح” و”ممنوع” في الحركات الجسدية والتعبير البصري، ويدفع إلى مراجعة المفاهيم القديمة.


2. كسب جمهور وتسويق شخصية
بعض من يهاجمون مثل هذه الأشكال الفنية قد يتغاضون عن أنها في النهاية تجارة – هي نوع من الأداء الذي يسعى إلى جذب الانتباه والمشاهدين. من حق أي فنان أن يسعى إلى الترويج لنفسه، وأن يختار الأسلوب الذي يراه مناسبًا ليحقق دخلاً أو شهرة. في عصر السوشيال ميديا، لا يكفي أن تكون موهوبًا فقط، بل يجب أن تملك “براند” جذابًا وتعرف كيف تعرض نفسك.


3. كسر التابوهات الاجتماعية
وجود فنانات استعراضيات بجرأة معينة يمكن أن يساعد على كسر بعض الحواجز النفسية في المجتمع، ويحمّل الجمهور مسؤولية النقد الضاحي أو المبالغ فيه بدلًا من التخلص من أي شكل فني بالرفض المطلق. قد يدفع الناس إلى إعادة النظر فيما يرونه “مخالفًا” أو “غير لائق” بناءً على معايير قديمة.


الجوانب السلبية والمخاوف
1. المسائل الأخلاقية والتوازن المجتمعي
لكل مجتمع معاييره الأخلاقية، ومع أن الفن يُفترض أن يتجاوز بعض القيود، إلا أن تجاوز الحدود المألوفة قد يثير رفضًا قويًا. فالحركات الجسمانية التي يُنظر إليها على أنها فاضحة قد تثير استياءً واسعًا، وتصبح سببًا للخلاف والإساءة بدلًا من التأثير الإيجابي.


2. المخاطر على الصورة النسائية
في بعض الحالات، قد تؤدي الاستعراضات الجريئة إلى ترسيخ نظرة ضيقة إلى المرأة باعتبارها سلعة بصرية، لا باعتبارها مبدعة أو فنانة ذات قيمة جوهرية. إذا لم ترافق هذه العروض بمحتوى فني أو رسالة، قد يُنظر إلى الفنانة بأنها “تتاجر بجسدها” في نظر البعض — وهو نقد شائع يواجه الراقصات في بعض المجتمعات.


3. التوازن بين الجودة والمضمون
الاعتماد فقط على الإثارة البصرية دون بناء على مهارة فنية، أو دون تقديم تنويع رقمي أو استثماري في العروض، قد يُفقد العمل مصداقيته الفنية مع الوقت. الجمهور قد يبدأ بالشعور بأن ما يُعرض هو مجرد صورة دون عمق فني حقيقي، ويبدأ في رفضه أو الانتقاص منه.


وجهة نظري الشخصية
من وجهة نظري، أرى أن موكا الشاذلي تمثل تجربة بين الإبداع التجاري والفن الجدلي: هي ليست بالضرورة “الراقصة المثالية” التي ترضي كل الأطراف، لكنها أيضًا ليست مرفوضة بالكامل إن اقتربنا من الموضوع بعين فاحصة.


أعتقد أن لها الحق في أن تعمل، وأن تعبر، وأن تختار كيف تظهر نفسها، بشرط أن تراعي بعض الضوابط:
أن يكون الفن مصحوبًا ببذل الجهد لتطوير المهارة، والتنوع في العروض، والابتعاد عن الرتابة أو الاعتماد فقط على الصدمة.
أن تكون واعية للتأثير الاجتماعي، وتُحاول ألا تُكرّس تصورات سلبية عن المرأة.
أن تحترم حدود الجمهور، وتفهم أن النقد سيكون واردًا دائمًا، ويجب التعامل معه بعقلانية.


إن تنوع أشكال الفن والرقص هو جزء من حقيقة المجتمعات، ومَن أراد أن يُمنع أو يُكسر فورًا فربما نعود إلى عصر لا نسمع فيه سوى قالب واحد من الفن والتعبير. أما من يختار أن يسير على هذا الطريق — كما تفعل موكا — فحظًا موفقًا معها، لكن بتأنٍ ومثابرة.