التخطي إلى المحتوى
مهرة الإسكندرانية… حين يتحوّل الرقص إلى حكاية إحساس

في المشهد الاستعراضي السكندري، تبرز مهرة كاسم يفرض حضوره بهدوء وثقة، دون ضجيج مفتعل أو استعراض زائد عن الحاجة. هي فنانة تعرف جيدًا ماذا تريد من الرقص، وكيف تقدّم نفسها على الخشبة، مستندة إلى إحساس صادق وحضور متزن يجعل المتلقي يتابعها بشغف لا بفضول عابر.


ما يلفت في أداء مهرة هو التوازن؛ توازن بين الرشاقة والقوة، وبين الانسياب والانضباط، وبين الإيقاع والحالة. لا تعتمد على الحركات السريعة وحدها، بل تمنح لكل حركة معناها، وكأنها تحكي قصة قصيرة بلغة الجسد. هذا الوعي يجعل عروضها أقرب إلى لوحة فنية مدروسة، لا مجرد فاصل استعراضي.


تنتمي مهرة إلى المدرسة التي تحترم الطابع الكلاسيكي للرقص الشرقي، لكنها لا تقف عند حدوده، بل تضيف لمساتها الخاصة التي تمنح الأداء نَفَسًا معاصرًا دون أن تفقده هويته. هذا المزج الذكي بين الأصالة والتجديد هو ما يميّزها عن كثيرات، ويجعل لها بصمة يمكن التعرف عليها بسهولة.


كما أن حضورها على المسرح يعكس شخصية فنية واعية؛ لا مبالغة في التعبير، ولا افتعال في الانفعال. ابتسامتها محسوبة، ونظراتها جزء من الإيقاع، وتعاملها مع الموسيقى يبدو كحوار متبادل لا كتنفيذ آلي. كل ذلك يشي بفنانة تعمل على نفسها، وتدرك أن التطور الحقيقي يبدأ من الداخل.


في رأيي، مهرة تمثل نموذجًا مشرفًا للراقصة الاستعراضية الإسكندرانية التي تراهن على الجودة لا على الانتشار السريع، وعلى الاحترام لا على الجدل. ومع الاستمرار في هذا النهج، والعمل على صقل تجربتها أكثر، يمكنها أن تحجز مكانًا ثابتًا بين الأسماء التي يُحسب لها حساب في ساحة الرقص.