التخطي إلى المحتوى
“ميرامار” فنانة استعراضية عرفت كيف تخلق لحظة من السحر الشرقي

محمد حنفي

في عالم الاستعراض الشرقي، لا يكفي الجمال وحده كي تصنع راقصة حضورًا حقيقيًا، بل لا بد من امتلاك شخصية فنية تحمل رؤية مختلفة وجرأة في الأداء. وهذا ما نجحت الراقصة اللبنانية ميرامار في تحقيقه، فهي ليست مجرد راقصة تقدم لوحة راقصة عابرة، بل فنانة تعرف كيف تخلق لحظة من السحر الشرقي الممزوج بالحداثة.


منذ ظهورها على الساحة، استطاعت ميرامار أن تفرض أسلوبها الخاص الذي يجمع بين الأنوثة اللبنانية المترفة والانضباط الفني المصري الكلاسيكي، لتقدم فناً يوازن بين الإغراء والذوق، وبين الجاذبية والاحترام. ملامحها الأوروبية وصوتها الهادئ يخفيان خلفهما طاقة مسرحية كبيرة، تظهر حين تصعد إلى الخشبة بثقة وإحساس واضح بالمسؤولية تجاه ما تقدمه.


ما يميز ميرامار أكثر هو وعيها بأن الرقص الشرقي ليس مجرد حركات جسدية، بل هو لغة تعبيرية عن العاطفة والفرح والجرأة. هي تتعامل مع جسدها كآلة موسيقية، تترجم الإيقاع بذكاء، دون أن تفقد الروح العربية الأصيلة التي تميّز هذا الفن. حضورها على المسرح يحمل مزيجًا من النعومة والقوة، من الإبهار والبساطة، وهو ما يجعلها مختلفة عن كثير من راقصات جيلها.


ولأنها لبنانية، فإن ميرامار تحمل في شخصيتها الفنية تلك المرونة الثقافية التي تسمح لها بالتحرك بين مدارس الرقص المختلفة، من الكلاسيكي المصري إلى العصري اللبناني، مع لمسات من التانغو أو الفلامنكو أحيانًا. هذه الجرأة في التلوين جعلتها محط أنظار متابعي الفن الاستعراضي الذين يبحثون عن التنوع والابتكار.


ومع كل هذا، لا تزال ميرامار تحافظ على صورة راقصة تحترم نفسها وجمهورها، بعيدة عن الابتذال أو المبالغة، وهو ما يمنحها مكانة خاصة في المشهد الفني العربي. إنها مثال على أن الرقص الشرقي يمكن أن يبقى راقيًا وإنسانيًا، حين تتولاه فنانة تعرف قيمته وتدرك عمقه الثقافي.


في النهاية، يمكن القول إن ميرامار ليست فقط راقصة لبنانية موهوبة، بل مشروع فني متكامل يسعى إلى إعادة تعريف الجمال والأنوثة في الرقص الشرقي المعاصر. حضورها يذكّرنا بأن هذا الفن لا يزال قادرًا على التطور والتجدد، متى ما تولته فنانة تمتلك الشغف والرؤية، كما تفعل ميرامار.